
في ظلِّ تصاعد حدَّة الصراعات المفتوحة وتعقّد التوتّرات الدوليَّة المتشابكة بين محاور متعدِّدة، يتبوّأ العراق موقعاً محوريّاً ضمن هذه الخريطة الجيوسياسيَّة المعقدة. ويتجلّى ذلك بشكلٍ خاصّ من خلال المواقف الدبلوماسيَّة الحاسمة التي يتبنّاها رئيس مجلس الوزراء، محمّد شياع السودانيّ، وجهوده الدؤوبة في الحفاظ على سيادة البلاد واحتواء التوتّرات المتفاقمة، ما يُعزّز دور العراق كلاعبٍ رئيسٍ في تحقيق الاستقرار الإقليميِّ. وفي هذا السياق، أجرى السودانيّ، أمس الاثنين، مباحثاتٍ هاتفيَّةً مع رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين، تناولتْ آخر تطوّرات الأوضاع الإقليميَّة والدوليَّة. وعبَّر السودانيّ بوضوحٍ عن رفض العراق العدوان الإسرائيليَّ على إيران، مع استنكاره الخروق المستمرّة لأجوائه الوطنيَّة، مؤكّداً أهميَّة دور مجلس الأمن في وقف الحرب وضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسيَّة رغم التحدّيات المتعلّقة بضعف الثقة بين الأطراف. وفي المقابل، أعرب بوتين عن دعم موسكو جهود العراق في منع اتساع رقعة الصراع، مؤكّداً موقف روسيا الرافض لأيِّ انتهاكٍ للسيادة العراقيَّة، ما يُبرز أهميَّة بغداد كحليفٍ إقليميٍّ ومحور تنسيقٍ دبلوماسيٍّ بين القوى الفاعلة. ولم تتوقفْ جهود العراق عند حدود المباحثات الثنائيَّة، بل امتدَّت إلى المحافل الإقليميَّة والدوليَّة، إذ تبنّتْ منظمة التعاون الإسلاميِّ مقترحات بغداد التي تُدين السياسات الإسرائيليَّة العدوانيَّة وتطالب بحماية سيادة الدول العربيَّة والإسلاميَّة المتضرِّرة. وتأتي مبادرة تشكيل لجنةٍ مشتركةٍ لتفعيل الحوار وتخفيف التوترات، التي اقترحها العراق، تعبيراً عن الرغبة في الدفع نحو حلٍّ دبلوماسيٍّ شامل، يعكس وعي بغداد بخطورة التصعيد المستمرِّ وآثاره الكارثيَّة في الأمن والاستقرار في المنطقة.
على الأرض، تستمرّ الهجمات المتكرِّرة على المنشآت النوويَّة الإيرانيَّة في مدنٍ مثل فوردو، في تحدٍّ صريح للاتفاقيات الدوليَّة وللضغط الدوليِّ على طهران، ما دفع الحرس الثوريَّ الإيرانيَّ إلى تصعيد ردوده العسكريَّة، وآخرها إطلاق عمليَّة “بشارة فتح” لاستهداف القواعد الأميركيَّة في المنطقة، إذ بدأتْ أولى خطواتها باستهداف قاعدة “العديد” الأميركيَّة في قطر باستخدام تقنياتٍ صاروخيَّةٍ متطوِّرة.