
هل مازال وجود قاعدة عين الأسد على أرض العراق في صالح أمن العراق والشعب العراقي؟! .. في خضم الأحداث الجيوسياسية المتسارعة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، تأتي معلومة مثيرة للجدل لتُشعل النقاش من جديد حول دور قاعدة عين الأسد الأمريكية في العراق.
تذهب التحليلات والمعلومات إلى أن هذه القاعدة قد تكون نقطة انطلاق فعلية للطائرات الإسرائيلية المشاركة في عمليات عسكرية ضد إيران، وهذا يفتح الباب للسؤال: أليس هذا يعرض أمن العراق والعراقيين للخطر؟!.. كما ويطرح سؤال آخر لا يقل أهمية: أين هي الأصوات التي كانت تدوي في وسائل الإعلام مدافعة عن السيادة العراقية؟
منذ زمن ليس بالبعيد، كانت صيحات الدفاع عن السيادة تتردد في وسائل الإعلام العراقية، خاصة فيما يتعلق بالتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي. ولكن، حينما تشير أصابع الاتهام إلى احتمالية استخدام أرض العراق لانطلاق عمليات عسكرية تضر بجارته الجمهورية الإسلامية الايرانية، يبدو أن الأصوات تخفت دائما، تاركة وراءها تساؤلات حول أولويات بعض المؤثرين في المشهد السياسي والإعلامي العراقي، هل فعلا سيادة العراق هي الأهم لديهم ام أن الوقوف ضد اي عمل يدعم قضية فلسطين واي عمل يدعم استقلال قرار دول المنطقة ضد الهيمنة الأمريكية والغربية هو الهدف والمقصد بالنسبة لهم؟!.
هناك تقارير تتحدث عن وجود طائرات B52 وتحركات عسكرية داخل قاعدة عين الأسد وأرتال من سيارات تعبر من بعض دول الجوار تحمل طائرات مسيرة، هذه التقارير تعتمد على رصد ومعلومات شبه مؤكدة، لكن صمت الأصوات المعارضة لهذه التدخلات الأجنبية يثير تساؤلاً أكبر حول التعامل المزدوج مع مفهوم السيادة.
كيف يُعقل أن يُترك هذا الانتهاك دون اهتمام يُذكر بينما كانت الأصوات ترتفع سابقاً ضد كل ما يمسّ السيادة من قوى محلية أو إقليمية أخرى بحسب زعمهم؟.
العراق كان ولا يزال جبهة مهمة في الحرب ضد الإرهاب، حيث وجدت بغداد دعماً حيوياً من إيران في مواجهة داعش حين تخلت عنه قوى أخرى في المجتمع الدولي، وهذا يتطلب من العراق وقفة وفاء، كما تفعل باكستان اليوم التي تقف إلى جانب إيران ردا على موقفها المشرف لصالح باكستان في حربه مع الهند قبل أشهر.
الوضع الحالي يدعو جميع الأطراف المعنية إلى إعادة النظر في موقفها. ألم يحن الوقت لكي يقف العراق، موقفاً مشرفاً يتناسب مع تاريخه ووعوده؟ التاريخ يعيد نفسه دائماً، لكن الفرصة لإعادة صياغة التحالفات والخروج من الأزمات بالحكمة والمصلحة الوطنية قد لا تتكرر.
في هذا السياق، يبدو أن مسؤوليتنا جميعا تتجاوز الخطابات إلى أفعال ملموسة تضع العراق في مكانه الصحيح بين الأمم: دولة ذات سيادة فاعلة، تحترم وتحظى بالاحترام من شتى القوى الدولية والإقليمية مع الوفاء للدول التي وقفت معه في محنته.
د. معن بن علي الدويش الجربا